المدونة

مغامرة في عالم الفكر

من صغري أحب الكتابة و التدوين. لكن نادراً ماكنت أحفظ أو أنشر أي شي أكتبه. يمكن خوف من كتاباتي. أو بالأحرى خوف من أفكاري ومواقفي في الحياة. لأنها موبالضرورة دائماً صحيحة وممكن تتغير. وأحياناً بعد التعصب لفكرة فترة من الزمن أكتشف إنها خطأ. وقتها تستوقفني نفسي وتسألني ليه كنتي متأكدة وواثقة جداً من هذي الفكرة أو هذا الموقف؟ لأنو أثناء خوض رحلة الحياة، وجدت أفكاري في بعض المواقف صائبة جداً، وفي بعضها خاطئة جداً. وعند الخطأ الضمير وقتها مايرحم. ولتجنب هذا العبء النفسي الكبير لابد من التأمل في الأفكار والمشاعر وما وراءها. لذلك وجب الغوص في أعماق النفس عشان أكفهمها أكثر. وأعرف دوافعها اللي تخليها تتبنى هذي الفكرة أو هذا الموقف.

أحياناً تكون المواقف نابعة من خوف، وبالتالي غالباً ما تكون هذي المواقف سلبية والأفكار اللي أدت لها غير سليمة. وأحياناً تكون نابعة عن حب ونتائجها رائعة وتدفع نحو التطور. المعروف إن مواقف الحياة والإنخراط في المجتمع تصقل شخصية الإنسان. لا شك أن التعامل مع الناس ممكن يطلع أسوأ ما فينا. وكذلك ممكن يطلع أفضل مافينا. بغض النظر عن تصرفاتهم اللي ممكن تؤدي للجنون، ردود أفعالنا هي المهمة لأنها ممكن تتجه نحو الرعونة والسلبية والانجراف نحو التفاهة، لكن في المقابل ممكن تتخذ ردود أفعالنا هذي المواقف والأحداث كسلم تصعد به نحو شخصية أكثر حكمة ووعي. “فالحكمة ضالة المؤمن”. و ” من عرف نفسه فقد عرف ربه”.

مغامرة الحياة تقوم على تحقيق التوازن في عالم متناقض لايتوقف عن الحركة والاضطراب. فالانسان يسعى طوال حياته على حل هذي المعادلة مابين الصخب والهدوء، والعقل والجنان، والحكمة والجهل، والفرح والحزن وكل المتناقضات اللي يعيشها يومياً. ومع إن تحقيق التوازن شيء صعب، إلا أنه يبقى ممكن لأن الإنسان قادر يتكيف ويتغير مع ظروف الحياة. يضل يتعلم الدروس ويواجع الصعوبات. وكل ما اجتاز اختبار صعب، تعطيه الحياة اختبار ثاني وهكذا لحد مايوصل ليفل الوحش. بعدها يبدأ يرتقي فوق ظروف الحياة ويتغلب عليها فما تعود قادرة إنها تأثر فيه. بالعكس هو صار يأثر فيها ومايتلقى منها إلا الخير. لأن كل المواقف خير بس هي حصلت عشان هو يتطور وينضج. وعلى فكرة النضج ذا ماله علاقة بالعمر. له علاقة يالوعي والوعي فقط.

مافيه شي أجمل من السلام الداخلي وإنك تعيش مرتاح البال غير مكترث للتفاهات من حولك. التفرد رائع وجميل ويساعد الانسان على التطور. لكن كون الانسان كائن احتماعي فهذا يجعل منه مضطر لتطوير ذكاءه العاطفي عشان يقدر يستوعب نفسه ويستوعب اللي حواليه. ويبني جدار فكري يحميه من كل مايواجهه من الناس والمجتمع. وأن يكون واعي جداً لدوافعهم وتصرفاتهم لكن في نفس الوقت منفتح تجاههم ومتعاطف معهم محب للخير اللي فيهم ومايدقق على عثراتهم.